بروفيسور ابراهيم محمد آدم : يكتب : قراءة في كتاب د.عبد الرحمن الخضر معالجة الفقر مدخل للتنمية في السودان
شرفني الإخوان الدكتور عادل عبد العزيز والدكتور عبد الله محمد عثمان رئيس مجلس الإدارة ومدير مركز التكامل السوداني المصري على التوالي بالمشاركة في استعراض الكتاب المذكور لمؤلفه الدكتور عبد الرحمن الخضر وهو إنسان سوداني قومي بما يخدم هذا المعنى تماماً فهو من أصول شمالية مولود في شرق السودان مستثمر في بدايات حياته وسط البلاد بالابيض ثم مسئولا فى غرب السودان بالضعين ثم واليا في الشرق في القضارف وكذلك واليا في العاصمة الخرطوم وقد جعله هذا ملما بكل جغرافية وبيئة السودان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية عن قرب.لذلك كان الكتاب عبارة تجربة اقتصادية واجتماعية وتاصيلية في آن واحد.
بسقوط الإنقاذ دخل السجن الدكتور الخضر ولكنه لم يمض وقته هناك في التحسر على الماضي او لعن ظروف السجن السيئة والتي مات بسببها قيادات مثل الزبير احمد الحسن و الشريف بدر وعبد الله البشير وأبو هريرة حسين وغيرهم بل اقتدى تجربة سيدنا يوسف بالدعوة إلى الإصلاح ما استطاع فوضع لنا ملامح مستقبل مكافحة الفقر
إن ما يزيد من أهمية الكتاب انعكاسات حرب ١٥ ابريل ٢٠٢٤م التي جعلت الجميع فقراء وإذا كان ٦٠% تحت خط الفقر قبل الحرب وفق المعايير العالمية وهي دولار ونصف في اليوم فإن هذه النسبة تكاد تلامس ٩٠ % حالياً.
كذلك نجد أن التجارب الدولية التي تفضل بذكرها المؤلف من الصين وماليزيا والكويت وبنغلاديش هي نموذج يحتذى ونحن نحاول الخروج من نفق الفقر عقب نهاية الحرب باذن الله.
غير ان المشكلة الأساسية التي اعتقد أن الكتاب لم يتطرق إليها تفصيلا هي الجانب الثقافي لتمدد الفقر والذي كان نتيجة تآمر دولي كانت الحرب الحالية إحدى مراحله فتغيير الثقافة الغذائية منذ السنين الاولى للاستقلال كتناول القمح بدلا عن الذرة بانواعها كان سبباً رئيسياً في افقار الريف وتدهور الاقتصاد الكلي فبينما كان الريف هو ما يغذي المدينة ومعظم الذين ولدوا بعد الاستقلال قد عاشوا ذلك أصبحت المدينة تمد الريف بالمنتجات حتى الخضر و اللحوم والالبان والدواجن.
ان دعاوى التحضر على حساب الإنتاج أدت إلى اختفاء وسائل انتاج فاعلة فالذين هم في بعض أحياء القاهرة مكان تدشين الكتاب قد يسمعون كل يوم صياح الديك ومكاكاة الدجاج، وقد اختفى هذا عندنا في السودان حتى في الريف.
هذا البعد الثقافي خطير جدا وله أبعاده الدولية اذ أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وفتح مطاعم ماكدونالدز في موسكو اعتبر ذلك إشارة تحرير، و في ذات السياق نرى المعالجات التي تمت لتغطية خسائر سلسلة المطاعم تلك في الحرب الروسية الأوكرانية الحالية.
كما أن الاستلاب الثقافي والقابلية لاستمراره كان سببا أساسيا في تمدد الفقر ولا بد من توعية قومية بهذا الأمر تمجد ما هو وطني وتعض عليه بالنواجز
ليت المؤلف توقف عند تطبيق التشريعات الحكومية التي رغم جودتها نظريا لكنها كانت كذلك سببا في تدهور الاستثمار وبالتالي زيادة الاستيراد وتمدد الفقر إلى قطاعات واسعة من العمال والمنتجين.
نجد أنه لا انفصام بين الاقتصاد والسياسة، ولمعالجة الفقر لا بد من مخاطبة جذور الأزمات السياسية الحالية والبحث عن سبل اغلاق منافذ التدخل الأجنبي للعودة إلى سودان آمن سالم معافى يتسع للجميع.
هذا مع عميق ودي للمؤلف وإدارة المركز وأسرته.