كتب : غاندي معتصم محمد :من يوظف موارد البلاد المهولة و يحلق بها الى فضاءات لا يطال علوها الا صقور الجديان
النهج الاقتصادى المتكرر للادارات الضعيفة، ظل على الدوام يتقاصر أمام أشواق البسطاء وتطلعاتهم المعيشية، وهو غير منفتح ذهنيا على الخيارات العظيمة للدولة السودانية، وما تقتضيها من متطلبات لبلوغ النهضة الاقتصادية، والتى لا تنحصر على الهيكلة الإدارية، والقوانين الإستثمارية، وقانون العمل، والنظم المحاسبية، والقوانين العدلية، إنما تتعداها إلى الخبرة المعرفية، لتوظيف كل ذلك، فى رؤية إستراتيجية جمعية تصب لصالح تحقيق الرفاهية.
ولغياب كل ذلك ظل واقعنا الاقتصادى متسكعا، عند محطة النجاح فى توفير عطية الفصل الأول للميزانية (المرتبات). هذا النهج المتبطل الذى يعتمد منهج الجباية، ولا يرى حلقات الاقتصاد الكلية، التى تستند على رؤية متكاملة لامكانيات الدولة ومتطلبات الأسواق، ودوران عجلة الإنتاج بالدراية والخبرة المطلوبة وتوفير فرص العمل، وتوظيف البحث العلمى، فى الزراعة والصناعة، والثرة الحيوانية، ورعاية أصحاب المواهب العملية فقط، بل يعمق ذلك النهج المتمدد من خمول دولاب الخدمة المدنية، ويعزز من جدلية التنافس على الوظيفة الحكومية، فالجباية لا تعوزها حكة راس، ولا تحتاج إلى موهبة إدارية أو مطلوبات معرفيه.
نفس هذا النهج يتواصل اليوم، بالتصريحات المتتابعة الناقدة لخطوات تشكيل حكومة تنفيذية، فى تجاهل تام لاحتياجات هذا الشعب المكلوم، والترتيبات الخدمية المطلوبة لما بعد حقبة هذه الحرب المدمرة، مع ملاحظة أن تعمد تطاول أمد الفراغ التنفيذى، ساهم فى تسارع وتيرة الاحتكاكات العسكرية، وقاد ذلك البلاد الى هذه المنعطفات الكارثية، كنتيجة حتمية لتسارع وتيرة المنافسة السياسية لتحقيق مكاسب الاخر الداخلية والخارجية.
يجب الاسراع فى تعيين جهاز تنفيذى مقتدر ومتوافق على برنامج إنتقالى ذو خبرة ودراية تنفيذية تمكنه بكل بساطة -عطفا على التحولات الدولية- من أن يوظف موارد البلاد المهولة، ويحلق بها فى فضاءات واسعة لا يطال علوها ويمرح فى تمدد مساحاتها إلا صقور الجديان.