محجوب مدني محجوب : إن أريد إلا الإصلاح! الفساد ملة واحدة!.
من أراد أن يفصل الفساد في الجهاز التنفيذي عن الفساد في الجهاز التشريعي أو أن يفصل الفساد في الجهاز القضائي عن الفساد في الجهاز الإعلامي في الحكومة الواحدة، فهو واحد من اثنين:
يا إما موهوم.
أو صاحب غرض.
لأن هذه الكتلة من الفساد ما هي إلا كتلة واحدة تدعم بعضها بعضا، وتحرس بعضها بعضا، وتروج لبعضها البعض.
يظهر الفساد عبر الجهاز التنفيذي حيث يستمر في فساده، ويجمع حوله الفاسدين، ويبعد عنه كل نزيه، ومن ثم يعمل الجهاز التشريعي على حمايته، وعلى ترقيته، وعلى إبعاده عن كل محاسبة بما يراه مناسبا.
ثم يأتي القضاء الذي يمثله هذا الفساد، فيغطي على هؤلاء الفاسدين من أجل أن يرضى عنه الجهاز التشريعي.
ثم يأتي بعد ذلك إعلام هذا الفساد داعما للكل، فيبعد كل شبهة عن الجهاز التشريعي، ويذكر ذاك الجهاز التنفيذي بأنه صاحب النزاهة، والعمل الدؤوب لصالح البلد.
ولا ينسى طبعا هذا الإعلام المرائي أن يضع القضاء في أعلى مصاف العدالة والحكم السليم.
فليس الفاسد الجهاز التنفيذي وحده.
إذ أن ظهور الفساد في الجهاز التنفيذي مع الحكومات الفاسدة بمثابة ظهور الرأس من جبل الجليد.
إنها سلسلة تدعم بعضها بعضا أو قل عصابة تحكم البلد كل جهاز فيها يدعم الآخر.
فمن يركز على موظف من موظفي الدولة، ويرمي عليه جام غضبه، ويظن بذلك أنه يخدم قضية أو يحارب فسادا، فهذا لا يعدو موقفه سوى بمثابة ذر الرماد في العيون.
وحتى وإن وقع هذا الموظف، وثبتت عليه التهمة، ولم يستطع التخلص منها، وإن كان هذا الأمر إلى الآن لم يحدث.
فإن حدث فرضا، فإنه لا يحدث له سوى أنه سوف يلفظ من هذه المجموعة.
هذه المجموعة التي تتآلف من خلال أجهزة الدولة تعمل في انسجام تام، وفي تناغم للدرجة الذي لا يحتاج معه لشرح أو توضيح.
كل جهة تدرك وظيفتها وعملها جيدا، وتعرف من هم روادها الذين يدعمون اتجاهها ومن هم أولئك الذي يحاربونها.
وعليه فمن يريد أن يحارب الفساد في بلدنا، فليحاربه كله لا ينفع معه أن يهاجم جهة دون جهة أو شخص دون شخص.
إذ هي منظومة واحدة كلها تعمل في نهب وسرقة هذه البلد، ولوحدهم لا يشترك معهم أحد.
يظهر فلان أو علان متجاوزا للقانون لكن في الحقيقة أن جميع أجهزة الدولة مشتركة معه في تجاوزه للقانون.
أما من وقع من هذه الشبكة الإجرامية ، ولم تستطع أن تضمه إليها، فلسان حالها معه هو مثلنا الشعبي.
شقي الحال يقع في القيد.