أدركوا بورتسودان قبل فوات الأوان : د. محمد بشير عبادي
![](https://goldenstations.net/wp-content/uploads/محمد-بشير-عبادي-٢-780x470.jpg)
سبق أن كتبت عدة مقالات ومنشورات حول العاصمة الإدارية بورتسودان وقلت مبكراََ منذ بداية الحرب، أنه ينبغي الإهتمام بالعاصمة البديلة وتهيئتها من حيث المرافق والخدمات وتوسعتها لتقوم بدورها جيداََ في إدارة الأزمة الحاضرة كونها تحولت من عاصة ولائية إلى إتحادية مؤقتاََ وستكون ملاذاََ لكثير من النازحين إليها من الولايات المتأثرة بالحرب ولكونها ستكون منفذاََ للخروج والدخول من وإلى السودان جواََ وبحراََ وهو ما حدث بالفعل، إذ تكدست بورتسودان بالبشر منهم مواطنين نازحين ومنهم ساسة وحركات مسلحة ومنهم تنفيذيين بمراتبهم المتعددة.
الشاهد أنه برغم التوسعات التي حدثت في بعض المرافق العامة كالمطار مثلاََ، إلا أن الأخبار مؤخراََ حملت نذر شر بتفشي ظاهرة (تسعة طويلة) كما كان يحدث في الخرطوم قبل وقوع الحرب، إذ تقوم هذه العصابات بترويع المارة ونهب مقتنياتهم تحت تهديد السلاح متخذة من الشوارع المظلمة والأشجار المكتظة أوكاراََ لها مستغلة الاظلام التام لمعظم شوارع المدينة.
بجانب تسعة طويلة، نجد كذلك تجاوزات كثيرة حدثت من منسوبي الحركات المسلحة واحتكاكاتهم مع المواطنين كونهم جماعات مسلحة اقتطعت لهم بنايات ومواقع مقدرة وسط المدينة مما يعيق حركة المرور ويحدث كثيراََ من المضايقات للمواطنين المدنيين، بل تعدى الأمر لملاسنات ومخاشنات لفظية لأحد قادة الحركات المسلحة مع أحد قادة الفصائل المحلية من أبناء المنطقة وكاد الأمر أن يتحول لأزمة سياسية وأمنية لولا حل المشكلة ودياََ وإخماد الفتنة في مهدها.
إن بورتسودان الآن هي عاصمة سيادية بجانب انها إدارية كون إقامة رأس الدولة بها وطاقم مجلس السيادة الانتقالي، إضافة للجهاز التنفيذي، فلا يعقل أن تكون بهذا الانفراط الأمني والفوضى في شوارعها وأسواقها إضافة لتردي الخدمات فيها كالكهرباء والمياه والاتصالات، دعك من غلاء إيجار العقارات وجشع ملاكها بإستغلال حاجة النازحين.
لابد من إجراءات اسعافية سريعة وناجزة في الجانب الأمني والخدمات كافة وهذه مسؤولية إتحادية وكذلك ولائية، حتى لا يستفحل الأمر وتكون بورتسودان ثغرة أخرى ينفذ منها العدو.
بورتسودان ليست مهمة كعاصمة فحسب وإنما لإطلالتها على البحر الأحمر وعلى دول القرن الأفريقي، لذلك أي اضطراب أمني سيؤثر سلباََ على أمن البحر الأحمر وعلى المنطقة بأسرها وعلى الملاحة الدولية والعالم الخارجي لن يسمح بذلك، فالبحر الأحمر هو شريان الحياة لأوروبا وأمريكا فعبره تمر إليها ناقلات نفط الخليج ودول آسيا وكل التجارة العالمية صعوداََ وهبوطاََ ، فالأمر جد خطير ولابد من إيلائه الإهتمام الأكبر والتدخل العاجل من قبل الدولة.