الراي

تصحيح المسار: أهل الكهف : د. لؤي عبد المنعم luay.moniem@gmail.com

لم استغرب قيام احد البنوك الذي سبق ان تراجع اداءه في حساب العائد على الاستثمار حتى اصبح في مؤخرة البنوك السودانية عقب التغيير الذي حدث في 12 ابريل 2019، بخصم مبلغ (5) الف جنيه نصف سنويا من عدد (1) مليون حساب في تطبيقه المصرفي الالكتروني على اقل تقدير، بهدف تحقيق عائد يصل الى (5) مليون دولار سنويا بدون عناء، و في ظل الازمة المعيشية التي يواجهها المواطن بسبب الحرب المفروضة عليه، عودنا بنك السودان على ان يكون آخر من يعلم، و اذا علم فهو (شاهد ما شفش حاجة) على قول اخوانا المصريين في احد مسرحياتهم الشهيرة.. في كل البنوك التي تحترم زبائنها عالميا لا يحق للبنك التجاري سحب المبالغ المستحقة من حساب المواطن، ويمكن التوجه إلى البنك لتقديم الشكوى (نموذجا على ذلك البنوك السعودية)، المفترض ان يتم اشعار صاحب الحساب و اخذ موافقته اولا، و اذا اعترض المواطن على رسوم البنك الجديدة بعدها يتخذ البنك اجراءاته بغلق الحساب، لكن لا يجوز للبنك رفع الرسوم و خصمها دون الرجوع لصاحب الحساب..ضعف رقابة بنك السودان على المصارف له شواهد عديدة منها وجود مشكلة متجددة في استرداد حصايل الصادر، و التجاوز الذي قام به احد البنوك سابقا في تحصيله عمولة بغرض التربح الشخصي من ضمان تمويل المركبات للافراد بنسبة 10٪ من قيمة المركبة المراد تمويلها من جانب شركة مملوكة لافراد يبدوا ان لهم علاقة بادارة البنك، و استمرار هذه الممارسة الاحتيالية لمدة 4 سنوات حتى فاحت ريحتها و من ثم تدخل بنك السودان لالغاء دور الوسيط في تمويل مركبات الافراد، دون اتخاذ اي اجراء لمحاسبة الفاسدين، رغم معرفة بعض مسؤولي بنك السودان بتفاصيل الفساد و تعايشهم معه لسنوات. و من اوضح النماذج التي سعيت لتلافي ضررها على الاقتصاد بصفة عامة و المصارف بصفة خاصة هو اطلاق خدمتي شراء الرصيد هسا و قروشي في 30 سبتمبر 2014، و قد دعيت وقتها لتنظيم ورشة في المجلس الوطني من قبل لجنة الحسبة لمناقشة تحفظاتي على الخدمتين المذكورتين، لكن تم الغاء الورشة قبل قيامها بايام.. تعودنا في السودان من المسؤولين ان لا يستمعوا للنصيحة الا بعد خراب مالطا و ادناه تعليقي في ذلك الحين بهذا الصدد:-
*1- البنك المركزي لا يملك حتى الان زمام المبادرة و ليس وسيطا أو شريكا في التقنية المستخدمة و بالتالي فهي غير معممة و يستفيد منها عدد محدود من البنوك و لا يمكن للعميل المتضرر من أخطاء النظام مقاضاة الطرفين أو أحدهما( لا توجد ضمانات لعكس الحركات لعدم وجود جهة محايدة).
2- خدمة شراء الرصيد بحدود 2000 جنيه يوميا من شأنها أن تفرغ النقد من البنوك و تحوله لشركات الاتصالات بمبالغ ضخمة خاصة أن زين شركة أجنبية و قد سمح لها مؤخرا بتصدير اللحوم و المحاصيل و هي تحتفظ بعائد الصادر بالدولار خارج السودان.
3-خدمة تحويل رصيد المكالمات إلى نقد في الحساب من شأنها أن تفتح المجال واسعا للسرقة إذا اتفق موظف التقنية في شركة الاتصالات مع موظف التقنية في البنك لعدم وجود وسيط في الخدمة يتمثل في البنك المركزي.
4- الدول التي طبقت الخدمة اعتمدت معايير و ضوابط البنك المركزي و أضافت إلى رقم العميل رقم يمثل حساب البنك المعني لدى البنك المركزي إلى جانب تأمين نقدي لعكس الحركات حال حدوث خطأ في النظام كما أن السحوبات تتم في البداية من حساب البنك المعنى بالخدمة لدى البنك المركزي ثم يتم تعزيزها آليا على حساب العميل المستفيد.
5-التحويل من حساب العميل إلى حسابات أخرى تعود لأشخاص آخرين تحتاج ضوابط و سقوف محددة و نظام للمراجعة الآلية لضمان عدم بيع الحساب بالتنازل عن الشريحة و الرقم السري لمافيا غسيل الأموال و هو يتطلب إشراف مباشر على الحركات المالية عن طريق البنك المركزي و ليس البنوك المعنية.
6- على ضوء اعتماد الرصيد بديلا للنقد فإن شركات الاتصالات سيتعاظم دورها في الاقتصاد و تحل محل البنك المركزي في رسم السياسة النقدية للدولة.
7-السماح لشركات الاتصالات بممارسة التجارة الخارجية عوضا عن التقيد بتقديم الخدمات فقط و بمبالغ ضخمة من شأنه أن يرفع اسعار السلع في الأسواق خاصة اللحوم و المحاصيل نتيجة رغبة هذه الشركات في تصدير أكبر كمية ممكنة من السلع لمقابلة التضخم الذي يؤثر في أرباحها السنوية.
8-لن يكون بمقدور المنتجين لسلع الصادر تحويل الأرصدة التي حصلوا عليها من شركات الاتصالات كبديل للنقود في الوقت الذي يريدونه بسبب قلة النقد في البنوك على ضوء تزايد شراء الرصيد و احتفاظ شركات الاتصالات بعائد الصادر في حساباتها خارج السودان.
9-البنك المركزي غير مخول بالرقابة على شركات الاتصالات و الأمر يحتاج تشريع في ظل تنامي دورها الاقتصادي و المالي.
10- في ظل تطور السرقة الإلكترونية عالميا فإن السودان سيكون هدفا سهلا خاصة في ظل غياب البنك المركزي عن الخدمة و ضعف التقنية البنكية المستخدمة في السودان و هي في الأغلب برامج مستوردة تحتاج تحديث من المطور و مصممة في حدود قيمة شرائها.
خلاصة القول لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم، اذا لم يتم اصلاح الدور الرقابي و التشريعي في بنك السودان، و الخروج به من حالة السلبية و الجمود سيستمر الاقتصاد بالتراجع، خاصة في هذا الوقت العصيب الذي تشهد فيه العملة السودانية تراجع مطرد في قيمتها مقابل العملات الاجنبية، و لي مقترحات نشرتها بهذا الشأن و سوف اظل اطرق عليها حتى تصل لمتخذ القرار، و كان الله في عون المواطنين.

abubakr

محطات ذهبية موقع اخباري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى