محجوب مدني محجوب يكتب : إن أريد إلا الإصلاح! ما زال الفريق البرهان يسير في الاتجاه المعاكس! هل هو القدر؟ هل هي مشيئة كتبها الله على أهل السودان بألا استقرار لهم ولا هناء؟

أم أنه السير على طريق يخدم المصالح مهما سار بنا هذا الطريق إلى هاوية لا يعلم مداها إلا الله؟
مهما يكن الجواب على هذه الأسئلة ستظل المسؤولية تطال كل من يعمل؟
سيحاسب الله الجميع إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، فالله هو العدل لا يظلم عنده أحد.
بدأ بنا الفريق البرهان منذ أن بدأ بالسير في الاتجاه المعاكس، ولا زال.
فإن كان من خلاص ونجاة كتبه الله لهذا القائد يوم أن هجمت عليه حيته التي رباها بيده، فعناية الله وحدها من كتبت لهذا القائد الحياة حيث لم تظهر من خطة إطلاقا عملت على إنقاذ القائد من الفخ الذي صنعته له حيته وهو لا يعلم أو يعلم ويستهين به.
فبدلا من أن يكون هذا اللطف الإلهي عظة وعبرة سار الرجل على ذات الطريق، ولم يتحمل أحد السير في هذا الطريق سوى المواطن.
فبعد نجاته من الفخ الذي خطط له، فبدلا من أن يعمل على احتواء هذه الحية ويعمل على القضاء عليها رويدا رويدا بمثل ما رباها رويدا رويدا حتى لا يتأذى منها أحد.
لم يعمل ذلك.
وتركها تركض تنفث سمومها على هذا المواطن الأعزل.
استغل همجيتها التي لن تسطيع بها أن تدير قرية، فعمل على سياسة كسب الوقت من جهة، وعلى التشبث بالمؤسسة العسكرية من جهة أخرى إلى أن بثت هذه الحية كل سمومها في المواطن، ولم يعد لها من سم حينئذ ظهر الفريق ظهور الأبطال.
ظهر لا ليصحح المسار الذي أورثنا الحرب والدمار بل ظهر ليسير عليه وهو في قمة النشوة والفرح بسبب كونه رمى هذه الحيةوراءه أو كاد، ومن ثم صفا له الجو.
فها هو الآن يعد لحكومة مدنية بقيادة رئيس وزراء يدعى كامل إدريس جيء به من بلاد الفرنجة إذ أن بلاد الفرنجة من جاء منها يحمل المبتغى والمراد نعت حينئذ بالوطني المخلص، ومن أتى منها لا يمثل مبتغى أو مرادا نعت بصاحب الجواز الأجنبي وبالعميل.
رئيس الوزراء الذي لم يأت به أحد غير الفريق البرهان، فجاء مهللا ومعظما له؛ ليرسم ذات خيوط العنكبوت التي أوردتنا الهلاك.
لا نحتاج نحن يا سعادة الفريق لرئيس وزراء يضع لنا حكومة تحركها كما تتحرك قطع الشطرنج.
بل منصب رئيس الوزراء هو آخر ما نحتاجه في هذه الفترة الحرجة من تاريخ السودان.
فترة حرجة أعقبت سقوط نظام دام ثلاثين سنة ونيف، وكأنه كان وصيا على دمار أي مؤسسة وطنية.
فترة حرجة تخللتها حرب أصابت الوطن ولم تستبق منه شيئا.
فترة حرجة تتحلق حولها حركات مسلحة تدعي فجأة أنها حلت عليها البركة والسلوى، وصارت وطنية، وأنها لم تحن لذيلها الذي استحال أن يعتدل يوما ما.
فترة حرجة الكل يريد أن يفترس و ينهش ما تبقى من هذا الوطن.
فبدلا من أن يعمل الفريق البرهان على لم شمل أهل السودان.
ويتجاوز كل الكوارث السابقة.
هذا الشمل الذي يفوت الفرصة أمام كل خائن للوطن من الداخل أو غاصب من الخارج.
لم يفعل ذلك.
ولم يكفه سقوط البشير.
لم يعظه من التف حول حية يريد أن تحميه.
لم يعظه من أراد أن يصنع من الحركات المسلحة حركات وطنية، فإذا بها لم تصنع سوى أنها أبدلت جلدها أما صفاتها فهي ذات صفات الحية بل أسوأ.
كل هذا ليس محتاجا لحكومة يقوم بتعيينها الفريق البرهان.
وإنما محتاج لإقامة صف وطني يشمل القاصي والداني لواؤه الوطن؛ ليقطع الطريق أمام كل تجربة تريد أن تعيد الفشل حذو القذة بالقذة.
لا حل لأهل السودان إن كانوا يأملون في وطن سوى أن يزيلوا كل هذا الجسم السرطاني الذي أحل بهم؛ ليبدؤوا صفحة جديدة قوامها الوطن لا الحصول على الحكم.
وإلا سنظل هكذا من دمار إلى دمار، ومن هلاك إلى هلاك، ولن يكون هناك اختلاف بالوضع الحالي الذي يريد أن يصنعه الفريق البرهان سوى في الأسماء والشخوص فقط.
اللهم لا اعتراض في حكمك.
اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه.