الفِتْنَة : د. محمد بشير عبادي
الفتنة في اللغة هي التَولُّه والإِعْجاب الشَديد بالشئ والفتنة تعني إبْتِلاء وإخْتبار،فالمرء قد يفتن في دينه أي يبتلى ويختبر بتمحيصه كما يفتن الذهب والفضة بالنار ليستخرج المعدن النقي دون شوائب ومن معاني الفتنة هِياج شعبيّ وشَغَب، عصيان وتَمرُّد وهزاهز والأخيرة تعني الفوضى مع القتل وإهراق النفوس بطريقة عبثية لا تراعي حرمة النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق.
وتندلع نيران الفتن عندما تشتبه فيها الأمور ويختلط فيها الناس، ولا تكون واضحةً بسبب دخول الجهلة وعدم البصيرة، فتكون هذه الفتن خطراََ على المسلمين.
للفتنة أربع صفات: الصفة الأولى: أنها تأتي متجملة ومتزينة في بدايتها والصفة الثانية: الذهاب بالعقول والأحلام والصفة الثالثة: انتشارها واستعصاء إخمادها لأن الفتنة إذا وقعت لم يسلم منها أحد صغير ولا كبير والصفة الرابعة: أنها تقبل مشتبهة في أول أمرها وتدبر بينة في آخر أمرها وهذا من أبلغ صفات الفتن وأكثره وضوحاََ وجلاء.
من أنواع الفتن: فتنة القبر، وفتنة المحيا والممات و فتنة المسيح الدجال وهذه الأنواع الثلاثة قد بين الله عز وجل المراد بها وكل أحوالها ومتعلقاتها وما يجب على المؤمن تجاهها وشرح ذلك وبينه علماء المسلمين في كتب العقائد والتفسير والحديث وبين الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقتها وعظم خطرها وكيفية الوقاية منها.
وجاءت الفتنة بمعنى (القتل) في القرآن الكريم ، من ذلك قوله تعالى: {إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} (النساء:101)، قال البغوي: أي: يغتالوكم ويقتلوكم ونحوه قوله سبحانه: { فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنهم } (يونس:83)، أي: يقتلهم.
من طرق الحماية والوقاية من الفتن الإكثار في أوقات الفتن من دعاء الله جل وعلا والتعوذ به سبحانه من الفتن، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ) ومن المنجيات من الفتن: أن تتنازل عن حقك في الدنيا وإن كان الصبر على ذلك شاقاً على النفس، كما جاء في سنن أبي داود: ” إن السعيد لمن جنّب الفتن (ثلاثاً) ولمن ابتُلي فصبر فواهاً” ومن كانت الفتنة تحيط به ولا منجى له منها فليفرّ بدينه من الفتن أو ليكثر من العبادة
ومن طرق الحماية بإذن الله تعالى من الفتن، الاتصاف بالحلم والأناة والرفق، وعدم التعجل والتسرع في معالجة الأمور، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: (إن فيك لخصلتين يحبهما الله، الحِلم والأناة) رواه مسلم، والحلم: هو العقل، والأناة: هي التثبت وترك العجلة.. اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأحفظ بلادنا آمنة مطمئنة سخاءاََ رخاءاََ.