محجوب مدتي محجوب يكتب : إن أريد إلا الإصلاح الفرق بين التاريخ والسيرة النبوية الشريفة!

من أراد أن يعتبر، ويصحح أخطاءه، ويلزم الطريق المستقيم عبر التجارب البشرية السابقة، فليمسك بالسيرة النبوية الشريفة جملة وتفصيلا، وليترك سير بقية البشر، فهو ليس في حاجة إليها، فالسيرة النبوية الشريفة تغني كل ذي لب، وذلك لعدة أسباب منها:
* ما من قول أو عمل أو تقرير جاءت به سيرة رسولنا الكريم إلا وهو نبراس ونور لحياتنا كلها صغيرها وكبيرها قريبها وبعيدها أولها وآخرها خطئها وصوابها.
* لا أحد يعلم الخطر الذي يحدق بنا من البشر سوى رسولنا الكريم، فسبحان الله اليهود والنصارى لم يكونوا الأعداء الوحيدين في عهده، وبالرغم من ذلك لطالما شدد عليه الصلاة والسلام من خطرهما، ومن خطر اتباعهما مما يعني علمه عليه الصلاة والسلام بحاضر هذه الأمة، ومستقبلها إلى قيام الساعة.
* ليس هناك من جهة ومصدر ربطنا به رسولنا الكريم سوى القرآن والسنة وصحابته الكرام مما يعني أن هذا الدين لا يعيقه نسل أو جنس أو مكان.
* المعيار الذي نقيس به أعمالنا هو هذه السنة الشريفة، فإن سار عملنا على نهجها، وعلى ما جاءت به، فهذا الصواب، وإلا فالضلال والهلاك.
* ما من أحد كائن من كان سينجي هذه الأمة، ويوصلها إلى بر الأمان سوى نهج رسولنا الكريم.
وبالمقابل مهما كان غرابة الجهة التي جاء منها من يدعو لنهجه عليه الصلاة والسلام ومهما كانت غرابة جنسه ولونه ولسانه، فهو أحق أن يتبع، وأحق أن يدعم.
إن هذا الطريق القويم يغنينا عن الكشف عن سيرة أي حقبة من حقب تاريخ البشرية ليس لأنها على خطأ، وليس لأنها لم تنجز مشروعا قويا، وإنما لأن وصفتها لم ولن تكون كوصفة رسولنا الكريم لنا.
لن تكون بمعرفة وبهداية رسولنا الكريم لنا.
فإن كان رسولنا الكريم حذرنا من الغنى أكثر من الفقر، فسيظل هذا التحذير المهدد الحقيقي لنا، وإن أصاب الأمة العوز والفقر.
وإن كان رسولنا الكريم حذرنا من اليهود والنصارى، فسيظل هؤلاء المهدد الحقيقي لنا، وإن ظهر أعداء آخرون لنا من غرب وشرق.
وإن حذرنا رسولنا الكريم من النفس، ومن شهواتها، فستظل هذه النفس العدو الحقيقي لنا، وإن أكثرنا من ذكر وصلاة وقربات.
لن نهتدي بأي تاريخ سوى بتاريخ السيرة النبوية الشريفة.
لن نكتشف مدى صدقنا، ومدى قوتنا، ومدى ضعفنا، ومدى رشدنا إلا بسيرة نبينا العظيم.
فلنحمد الله على هذه النعمة التي تحسدنا عليها كل الأمم.
وليكن هذا الحمد أول ما يكون بالالتفاف حولها والاستشهاد بها وبوضعها أمام أعيننا ما تعاقب الليل والنهار وما ضاقت الدنيا وما وسعت بنا.