فنجان الصباح : أحمدع الوهاب الكاهن يمنح خريف سنار رتبة ( الجنرال) (القتل بدون سلاح) عبقرية يتشاطرها (ود اب سن) و(البرهان)

جعل البرهان من الجزيرة وجنوبها قطعة من الاسفنج اناط بها مهمة امتصاص فلول المرتزقة واخراجهم من مخابئهم في الأحياء السكنية الاعيان المدنية بالعاصمة وضواحيها إلى فضاء مفتوح
ومنطقة قتل مكشوفة..
فاندفعوا بنشوة النصر الزائف لايلوون على شئ.. وابتلعت الجزيرة جرادها الصحراوي وتركت الاوباش يتفرق شملهم بين الترع والكنابي والتفاتيش.
نعم الاشاوس بنصر مؤقت ليمنوا بعده بهزائم أخلاقية مهدت لهزائم عسكرية قادمة.. جعلت المليشيا شيئا من الامس
ثم طور الكاهن استراتيجيته فاطمعهم في سنار فاندفعوا صما وعميانا إلى معترك المنايا..
ترك الكاهن فلول التمرد يسرحون ويمرحون مابين سنجة إلى الدندر إلى جبل موية وجعلهم تحت رحمة جنرال سوداني اسمه ( خريف سنار)
وفعل بهم هذا الجنرال مالم يفعله الشتاء الروسي بجيش الإمبراطور نابليون ..
وأحكم البرهان اغلاق الولاية ووضع مفتاح المداخل والمخارج في جيبه ومضى يشرب الشاي بالزلابية في كرري..
لم يترك لهم طرقا معبدة
ولا دروبا ممهدة
فقط ترك لهم
ارضا زلقة وسماء ملبدة.
و سيارات قتالية تغوص في الوحل..
و الجيش وقادته طفقوا يتفرجون على فيلم بعنوان (مرتزقة في المحرقة)..
مرتزقة يأخذون حماما باردا من السحاب..
و ساونا حارة حارقة من السوخوي..
والآن…
و المشهد يمكن تلخيصه في سطور..
أن كل مشاريع الزراعة المطرية في سنجة وكوع الدندر وفي والمزموم.. كلها مزروعة اما
بآليات معطلة…
أو جثث متحللة..
واشاوس تقطعت بهم السبل..
ليقوم الجيش بأغرب موسم
حصاد في التاريخ
وشكرا نسور سلاح الجو على الاصطياد..
وشكرا صقور ( الكلينق) على الحصاد
وشكرا لجنرال سنار السخي (الخريف) المرعب المخيف..
ومما يذكره التاريخ من عبقريات اهل السودان أمام بلطجة الجنجويد قدامى وقادمين ما يمكن ادراجه تحت عنوان (القتل بدون سلاح)..
قصة عن دهاء اسطوري لشيخ العرب الناظر( ود اب سن) .. لا زالت تطرب لها مجالس السمر في بطانة اب سن
وتبدأ القصة بوصول تشكيل عصابي كبير من جنجويد الخليفة التعايشي إلى
معقل ناظر البطانة بغرض السلب والنهب.. وقدموا طلبات تعجيزية تتضمن مئات من رؤوس الإبل.. وقطعانا كاملة من الضان والمعز والبقر وغير ذلك من اموال
( بالغات النصاب انصاري ما زكاهن)
و الناظر العبقري يكرم وفادة الجنجويد ويعدهم خيرا.. ( لكن الإبل سترد المشرع الفلاني على (العاديك) بعد غد.. وهناك تختارون منها مايحلو لكم..)
فخذوا راحتكم هذه الليلة.. ومع الفجر ننطلق بحول الله تعالى
وفي الاثناء كان عماله يعلفون بعيره الاصهب جيدا..
ومع الفجرية انطلق الركب.. كانوا كلهم على ظهور الخيل وكان وحده على سفينة الصحراء.. ومشى بهم يوما كاملا وليلة حتى أوصلهم إلى المفازة.. وما ادراك ما المفازة.. فيها تتشقق الأرض قبيل الخريف وتتحول إلى حفر وشقوق واخاديد.. تفغر فمها لتبتلع كل ساق متهور وتصطاد كل كراع متجاسر..
ووجدت الخيول نفسها لا تقوم الا لتقع ولا تنهض الا لتتعثر و تسقط.. وقد انهكها العطش وبلغ الاجهاد بها وبأصحابها مبلغه
وتكسرت ارجل الخيول
وقد اوهى عزمها المسير
واضعف عظمها الجوع والهجير
وبينما كانت تتحطم السيقان
ويتساقط الفرسان
كان بعير شيخ العرب وقد استبد به الطرب يتبختر
وكأنه يرقص على البساط الاحمر او يمشي على قطيفة حمراء عند كريستيان ديور.. أو ايف سان لوران..
ثم لما ايقن ود اب سن ان القوم تورطوا في( الربع الخالي) السوداني تركهم بدون وداع للسموم ولعصار المفازة
وللرهاب والسراب..
واشعل غليونه وأطلق ضحكة مجلجلة وانقلب عائدا إلى موطنه.. واستحث بعيره الاصيل الذي اشتاق إلى معاطنه ..
و كأن ود شوراني كان يعنيه عندما قال
ضراع المسافات والواطه المتسعة
ابيض ليهو زنقدة يعوم بالنسعة
عينو في الكراج ويابى اللسعة
طيار السعودي وصل الحجاز يوم تسعة
يقال..
والعهدة على الراوي ان الناظر بعد ٣ ايام طلب تقريرا من مسرح عمليات المفازة..
جاء فيه ..
وجدنا حفلة لصقور الجو والضباع وبنات اوي
وعلى قائمة غدائها
فلول وخيول..
وهذه اسلحتهم
بنادق متخلفة
وبارود سيئ الصنع
وسيوف صدئة
وحراب مهشمة
.. و خيول بعدد اصابع اليد نجت بأعجوبة.. وقد وردت نهر الدندر بدون رجال..
دنيا زايلي في (المفازة)
ونعيمكي زايل في( سنار)..