التقنية

مقال بعنوان : التعليم العالي في سودان ما بعد حرب أبريل 2023م: سُبل تأهيله وإصلاحه رؤى وأفكار : بقلم: البروفيسور :عصام إدريس كمتور الحسن أستاذ تكنولوجيا التعليم كلية التربية، جامعة الخرطوم

مدخل:
إن مطالب الحياة المعاصرة التي أفرزتها العولمة والتحول إلى مجتمع المعرفة، وثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وتعاظم التنافسية العالمية؛ أصبحت كلها لا تتطلب مجرد اكتساب وتعلُّم المعرفة، أو إمتلاك مجموعة من المهارات الأكاديمية المحددة، بل تتعدى ذلك بكثير حيث تتطلب تنمية قدرة المتعلمين على كيفية الأداء والتعامل النشط مع طبيعة الحياة ومواجهة متغيراتها والوعى بها؛ الأمر الذي ألقى على عاتق مسؤولي التربية والتعليم في جميع دول العالم إعادة النظر في برامج وخطط التعليم في أي مرحلة من مراحله وذلك بما يتلاءم مع الوضع الراهن ومع كل ما يطرأ من تحولات وتغيرات؛ ولعل ما حلّ بالتعليم العالي في السودان من تغيرات جرّاء حرب أبريل 2023م يستوجب التعاطي مع هذا النهج بما يضمن المضي قُدمًا في مسيرة التعليم العالي.
ولما كان التعلبم العالي يُعد ركيزة أساسية من ركائز المجتمع المعاصر ويشكل دعامة رئيسة لمسيرة التنمية في البلد؛ عليه فقد تبلور في العقود الأخيرة من القرن العشرين الميلادي مفهوم حديث لدور التعليم العالي المعرفي في المجتمع فيما أًطلق عليه المفهوم الوظيفي (Functional View) والذي مفاده أن المعرفة التي تنقلها الجامعة أو تنتجها يجب أن تكون ذات مردود إيجابي هادف يؤدي إلى منفعة الفرد أو المجتمع في الوقت الذي يُوصف فيه المجتمع المعاصر بأنه مجتمع مهني يهيمن فيه المهنيون الذين يعملون بعقولهم؛ من هنا يُعتبر التعليم العالي أساس التنمية ومحور الإرتكاز في هذا المجتمع المهني الذي يَعد قطاعات المجتمع المنتجة بما تحتاجه من قوى بشرية مؤهلة تأهيليًا علميًا مهنيًا تخصصيًا.
ولكي يبلغ التعليم العالي أهدافه المرجوة لا شك أن ذلك يرتبط ارتباطًا وثيقًا باستقرار البلد؛ ففي حالة عدم الاستقرار يُضرب التعليم العالي في مقتل ويكون طلابه ضحية هذا الواقع؛ فالحرب التي اشتعلت في السودان في أبريل 2023م أحدثت واقعًا مريرًا وتحديات كبيرة، كان نتاجه أن انقطع عدد مقدر من الطلاب والطالبات عن دراستهم بسبب دمار الكثير من مؤسسات التعليم العالي التي طالها العدوان بسبب الحرب وذلك على الرغم من حماية القوانين الدولية للمؤسسات التعليمية؛ فكان أن تم إغلاق جميع مؤسسات التعليم العالي فور إندلاع الحرب وذلك بسبب تحول كثير من هذه المؤسسات إلى ثكنات عسكرية، والبعض الآخر إلى مراكز لإيواء النازحين الأمر الذي جعل البيئة غير مناسبة لممارسة العملية التعليمية التعلُّمية فضلًا عما تعرضت له البني التحتية والقاعات والمعامل إما للتخريب أو النهب أو الحرق. ففي إحصائية منشورة (2023) أن حوالي (104) مؤسسة تعليم عالي؛ تضم نحو ( 450 ألف) طالب قد طالها الضرر بدرجات مختلفة جرّاء الحرب؛ منها (98) مؤسسة في الخرطوم، منها (13) جامعة حكومية , (85) بين جامعة خاصة وكلية، و(22) مؤسسة في كردفان الكبرى ودارفور الكبرى؛ منها (12) في دارفور، (10) في كردفان، وأن (76%) من مؤسسات التعليم العالي توجد في مناطق عمليات حربية. مما حدا بالكثير من الطلاب والطالبات أن يفقدوا الأمل في مواصلة تعليمهم العالي بجامعاتهم، الامر الذي دفع البعض منهم للالتحاق بجامعات خارج السودان. علمًا بأن عدد مؤسسات التعليم العالي في السودان وفقًا لآخر إحصائية من الوزارة (2022م) يصل إلى (155) منها (39) جامعة حكومية بينها ثماني في ولاية الخرطوم، إضافة إلى (116) مؤسسة تعليم عال خاصة منها (17) جامعة و(65) كلية بين أهلية وأجنبية توجد في الخرطوم، بحيث يبلغ عدد طلاب وطالبات هذه المؤسسات مجتمعة حوالي (719575) طالبًا وطالبة.
فكل هذه التداعيات ينبغي أن أن توضع في الحسبان؛ بإتخاذ قرارات بشأنها بداية من إعادة النظر في وضعية الطلاب والطالبات النفسي من أولئك الذي تأثروا بالحرب؛ فمنهم من فقد ذويه أو أحد أقاربه أو ربما خسر بعض أفراد عائلته، وتقليل ما قد يعتري دواخلهم من أوجاع ومررات عايشوها أثناء الحرب؛ وما يتبع ذلك من إعادة الطمأنينة والسلام إلى ذواتهم حيث المطلوب فيما نراه مخاطبة عواطفهم وليس أن نطمئنهم بطريقة ملموسة فقط.
من ناحية أخرى وفي سبيل معالجة مشكلة تراكم الدفعات في معظم مؤسسات التعليم العالي من قبل وأثناء الحرب ينبفي العمل على دمج التقنية في المنهج ليتسنى لهولاء الطلاب متابعة دراستهم عن بعد إلكترونيًا وبالقدر التفاعلي المطلوب وبما يُمكّن أن يسهم في تعويض هؤلاء الطلاب لما فاتهم من سنوات حتى وإن لم يتمكنوا من الوصول إلى جامعاتهم وكلياتهم التي تأثرت بفعل الحرب ؛ الأمر الذي يدفع بالقائمين على أمر التعليم العالي إلى طلب العون من المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية ذات الصلة لدعم التعليم العالي وتأمين هواتف زكية وحواسيب محمولة للطلاب من شأنها أن تسهّل من عملية تعلُّمهم. بالمقابل ينبغي أن تُريط المقررات الدراسية بالمجتمع والبيىئة بما يتلاءم مع المستجدات والحالة النفسية للطلاب وتنظيم المناهج الدراسية بالتركيز على مهارة التفكير والتخطيط وحل المشكلات وفق المنهج التكاملي وإلقاء بعض مواد الحشو التي كانت تشكل عبئًا على الطالب. فالطالب بحاجة إلى إكتساب الكفايات اللازمة المطلوبة؛ الأمر الذي يتطلب العناية بتطوير هذه الكفايات وذلك بتحديد المعايير وكيفية التنفيذ وظروف نجاحها؛ حيث أن بعض هذه الكفايات تحتاج إلى توفير وسائل تعليمية تعلُّمية حديثة تقوم على إختيار الطالب بعيدًا عن السُبل التقليدية القائمة على الحفظ والاستظهار عند الامتحان؛ فالهدف لا ينبغي أن يكون حفظ المعلومات فقط بقدر ما هو الفهم والاستيعاب وما يرتبط بذلك من إجادة التعبير الشفوي والتعبير الكتابي بلغة سليمة. وبالتالي فإن إصلاح مناهج التعليم العالي يجب أن يقوم على مراعاة إختيار موضوعات المحتوى الذي يتم تدريسه بما يحتم إيجاد استراتيجيات تتاسب كل موضوع وفقًا لقدرات كل طالب واستعداداته (تفريد التعليم) وما يتبع ذلك من تحديد الأنشطة الملائمة التي من شأنها أن تعزز من فهم محتوى المقرر المراد دراسته، بحيث تكون الجامعة مكان يتعلم فيه الطالب ولا يُعلم. من هنا أضحت عملية تأهيل وإصلاح منظومة التعليم العالي في السودان واجبًا حتميًا لمواجهة تحديات ما بعد حرب أبريل 2023م.
وبالنظر إلى حجم المهام المرتبطة بإعادة تأهيل مؤسسات التعليم العالي التي تأثرت بالحرب، وإلى تلك التحديات التي فرضت نفسها على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الوقت الراهن؛ فإنه يتعين على الوزارة إعادة تأهيل البُني التحتية الرئيسة وما يتبع ذلك من تأثيث القاعات والمعامل والمكتبات التي حاق بها الضرر، فضلًا عن ما يقع على عاتقها من جهد في إستعادة الثقة في مؤسساتها سيما لأولئك الطلاب غير السودانيين الذين كانوا ينتسبون لبعض هذه المؤسسات . يأتي ذلك في الوقت الذي من المتوقع أن تكون فيه خزينة الدولة منهكة لحد كبير بفعل ما يتطلبه إعادة الإعمار من أموال طائلة، ولعل ذلك يتزامن مع ما تسببت فيه الحرب بشكل أو بآخر من فقر ممنهج لغالبية أفراد الشعب السوداني؛ فكيف لهم بمقابلة إحتياجاتهم وبضمنها منصرفات التعليم العالي وما يرتبط بها من رسوم دراسية لأبنائهم وأفراد أسرتهم. وبالتالي فإن التقدير الزمني للتعافي من هذا الواقع المرير لعله يحتاج إلى مايقل عن خمسة أعوام من العمل الدوؤب في إعادة التأهيل والإصلاح.
وعليه فإن أي إصلاح يطال التعليم العالي، بل إن أي معالجة أو إعادة توجيه للنظام التعليمي بالتعليم العالي بعد الحرب لا تعني شيئًا مل لم تستجب لمطالب الوعي الإنساني؛ ومن هذا المنظور فإن المدخل الموضوعي لهذا المقال يقوم على اعتبار العامل الإنساني مدخلًا استراتيجيًا لفهم العملية الإصلاحية في التعليم العالي، وهكذا فإن إعادة تأهيل التعليم العالي وإصلاحه دون مراعاة هذا العامل قد يتسبب في إحداث تغييرات ونتائج خارج نطاق التفاعل الإنساني وقد يقل معه فرص الاستثمار الأشمل لقدرات الأطراف الإنسانية في الممارسة التعليمية التعلُّمية.
السبُل اللازمة لتأهيل وإصلاح التعليم العالي في السودان
تأسيسًا لما سبق سيتم إستعراض السبُل اللازمة لتأهيل وإصلاح التعليم العالي في السودان في أعقاب حرب أبريل 2023م في ضوء جانبين إثنين: جانب إداري يتطلب إدارة واعية لمتطلبات المرحلة وجانب آخر تقني يتطلب توظيف أمثل للوسائط الإلكترونية ولتكنولوجيا الاتصال والمعلومات.
أولًا: الجانب الإداري والذي يرتبط بما يلي:
– توفير طاقم مؤهل ممن يعملون بالوزارة والمجلس القومي للتعليم العالي من ذوي الخبرة والكفاءة وتحمل المسؤولية، مع ضرورة الاستعانة بالخبراء الوطتيين من أولئك المهتمين بقضايا التعليم العالي سيما تلك المنوط بها الاعتماد الأكاديمي العالي. وفي هذا الإطار نُوصي بتوسيع صلاحيات المجلس القومي للتعليم العالي والبحث العلمي بحيث تكون له اليد الطولى في إدارة التعليم العالي مع وجود هيئة ذات طبيعة مستقلة تكون هي المسؤولة عن الموافقة النهائية لفتح الجامعات والكليات وإجازة البرامج الدراسية للكليات.
– تكليف الهيئة ذات الطبيعة المستقلة بالنظر في وضعية الجامعات الحالية بتقليصها ودمج البعض منها وفق شروط ومعايير معينة، على أن يصاحب ذلك تقليص كليات بعينها تتكرر في معظم الجامعات، بحيث يمكن الإكتفاء بعدد محدود منها ما أمكن ذلك وفق معايير جودة أعلى، ودون أن يتأثر أعضاء هيئة التدريس بذلك.
– إغلاق تلك الكليات التي تضمها بعض الجامعات والتي لا حاجة فعلية لخريجيها في سوق العمل وتلك التي لا يرغب الطلاب والطالبات في الالتحاق بها. وبالمقابل؛ تجويدًا وضبطًا للاداء وتقليلًا للإتفاق المالي واستغلالًا أمثل للموارد ينبغي تحديد مدى زمني لجميع الجامعات السودانية حكومية كانت أو خاصة لاستيفاء المعايير الوطنية (التي يحددها المجلس القومي للاعتماد والتقويم) وإلا سيكون مصيرها التصفية.
– ربط التعليم العالي في السودان بما هو حاصل في التعليم العالي في العالم الخارجي من خلال إيجاد توأمة بين بعض الجامعات السودانية وجامعات أخرى إقليمية أو عالمية ذات سمعة طيبة بحيث تضمن الجامعات السودانية أقصى قدر من الإستفادة في شتى المجالات.
– من المهم تشجيع الجامعات السودانية سيما القديمة منها على فتح فروع لها خارج السودان، وبالمقابل ضرورة تهيئة الظروف المواتية لفتح لجامعات أجنبية مرموقة لفتح فروع لها في السودان ؛ حيث هناك الكثير من الطلاب السودانيين يتوقون للدراسة في الخارج بُغية الحصول على تعليم أفضل وأكثر موثوقية، حيث يمكن لأمثال هولاء الطلاب الإلتحاق بهذه الفروع.
– ربط قبول الطلاب والطالبات في الجامعات السودانية بتخصصات ترتبط بالتنمية في البلد؛ الأمر الذي يتطلب وجود خطة واضحة للتنمية على مستوى الدولة.
– إعادة النظر في سياسة الدعم المتبعة حاليًا للجامعات الحكومية؛ فهذه الجامعات بوضعها الحالي لا تملك الموارد الكافية للتأهيل والإصلاح وما تتحصل عليه من الدولة لا يكفيها، وفي نفس الوقت ليس بوسع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن تتكفل بالتمويل الكافي لهذا العدد الكبير من مؤسسات التعليم العالي السودانية، الأمر الذي يستوجب على الجامعات السودانية استحداث أشكال مختلفة لاستثمار ودعم مواردها الذاتية. وفي هذا الإطار يتبنى المقال إعادة النظر في سياسية التعليم العالي المجاني؛ الأمر الذي من شأنه أن يزيد من موارد الجامعة المعنية، من ناحية أخرى ربما يساعد هذا التوجه بأن يأخذ الطلاب والطالبات أمر إلتحاقهم بالتعليم العالي بجدية أكثر، كما يمكن أن يشجع ذلك على التفكير في فتح بعض التخصصات الفنية التي ليس لها قبول مجتمعي بيدَ أنها ذات عائد مادي مقبول. وفي نفس الوقت يمكن أن تتحمل الوزارة تكلفة التعليم العالي لأولئك الطلاب المتميزين غير القادرين وفق ضوابط معينة. وفي منحى آخر يرى الكاتب ضرورة تقليل التفاوت في الحصول على فرص قبول طلاب بعض الولايات بمؤسسات التعليم العالي وذلك من خلال التمييز الإيجابي لقبول طلاب وطالبات بعض المناطق في الولايات المختلفة بنسب أقل في الجامعات الكبيرة وفق ضوابط وشروط معينة.
– ينبغي في المرحلة القادمة ( مرحلة ما بعد الحرب) حظر النشاط السياسي ومنع ممارسته في حرم الجامعات؛ حيث ليس هناك ثمة مبرر أن تكون الجامعات السودانية منابر للأحزاب السياسية والتي أفضت إلى إشتباكات تسببت من قبل في حدوث إصابات بالغة لبعض الطلاب بل وفقد الأرواح في بعض الأحيان.فضلًا عما قد يصاحب ذلك بعض أشكال التخريب للمؤسسة؛ وهنا لا بد من محاسبة أي طالب جنائيًا متى ما ثبت قيامه بأي عمل تخريبي يتسبب في إتلاف ممتلكات الجامعة المعنية أو يثبت إعتدائه على طلاب آخرين.
– الاهتمام بممارسة الأنشطة اللاصفية بأشكالها المختلفة مع تخصيص إدارة لها في عمادة شؤون الطلاب بالجامعة.
– الاهتمام بعملية الإصلاح الداخلي لمؤسسات التعليم العالي الخاصة؛ وذلك بسن قوانين تنظم عملها من قِبل الهيئة المستقلة التي تمت الإشارة على أن تشمل قوانين ملكية هذه المؤسسات وتخصيص نسبة من مواردها لتطوير المؤسسة وضمان حقوق أعضاء هيئة التدريس والعاملين.
ثانيًا: الجانب التقني:
يرتبط هذا الجانب بالتوظيف الأمثل للوسائط الإلكترونية ولتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ حيث لا بد من توظيف هذه التقنية في مجال المعلومات والاتصالات في تحسين وتطوير البرامج التعليمية في مستوياتها المختلفة. وفي إطار هذه النظرة ، بات توظيف التعليم الإلكتروني ووسائطه في التدريس بمؤسسات التعليم العالي طلبًا ملحًا ؛ وذلك لما تتسم به تقنية التعليم الإلكتروني من سرعة في تلقي المعلومات، ومن توفير بيئة تعليمية تفاعلية غنية بالتطبيقات المعتمدة على الحاسوب والإنترنت، بحيث يمكن للمتعلم الوصول إلى مصادر التعلُّم المتعددة بكل سهولة ويسر، وفي أي زمان ومكان؛ وهكذا أصبح التعليم الإلكتروني الذي يعتمد على التوظيف الفعال لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من الوسائل المهمة جداً في إصلاح الممارسة التعليمية التعلُّمية بمؤسسات التعليم العالي السودانية في كل مراحلها.
في ضوء ما سبق فيما يلي أبرز السبُل اللازمة لتأهيل وإصلاح التعليم العالي السوداني جرّاء التوظيف الأمثل للوسائط الإلكترونية ولتكنولوجيا المعلومات والاتصالات:
– تصميم نُظم تعليمية تعلُّمية كاملة دون تدخل مباشر من قِبل الاُستاذ الجامعي وما يتْبع ذلك من تصميم برامج تعليمية، بحيث يمكن توظيفها من خلال أساليب تعليمية غير تقليدية كالتعلُّم الذاتي عن بعد والتعلُّم الإفتراضي والتعلُّم الإلكتروني المدمج وبالتالي إتاحة الفرصة للطالب الجامعي باختيار الأسلوب الذي يلائمه وما يترتب على ذلك من تنوع مصادر المعرفة وطرق عرضها ونقلها بحيث لا تقتصر على الأستاذ والكتاب فقط، وهكذا يصبح التعليم العالي أكثر التصاقًا بالعالم الخارجي وأكثر ارتباطًا بالتقدم المعلوماتي والمعرفي وأكثر قدرة على الوصول لكل من يطلبه. الأمر الذي من شأنه أن يسهم في تطوير أساليب التدريس سيما في مواجهة الطلب المتزايد على التعليم الجامعي، وتحديات ما بعد حرب أبريل 2023.
– توظيف القنوات التلفزيونية التعليمية لتكون وسيلة تفاعلية لنقل المقررات والبرامج التعليمية إلى الطلاب أينما كانوا وفي الوقت الذي يناسبهم.
إن النظر للوسائط الإلكترونية على أنها وسائط للاتصال والنقل لا يكفي؛ بل ينبغي النظر إليها على أنها وسائط معرفية تفاعلية Interactivity توغلت في عمق العملية التعليمية وأصبحت تتبادل المثيرات والاستجابات مع المتعلم؛ فالفرصة التي تتيحها هذه الوسائط لتُعرّف المتعلم على نتائج استجابته أو تعلّمه هي بحد ذاتها عملية تعلّم، وهي بذلك تعتبر أنظمة ناقلة حقيقة وكاملة يتفاعل معها المتعلم .
وعليه بات يُنظر للتقنية بعملياتها ومنتوجاتها أدوات لبناء التعلُّم وليست كأدوات للتعليم منها. بمعنى أخر؛ أدوات يتعلم معها الفرد With وليس منها، الأمر الذي أحدث تحولاً من التقنية كأدوات للتعليم، إلى النظر إلى التقنية كبناء وشريك يتفاعل معه يؤدي إلى ضرورة تغيير النظرة للمكتبة الجامعية من مجرد مستودع للكتب ونظام إعارتها لتصبح أداة لتنمية قدرات الطلاب بل وسيلة داعمة للمنهج ومصدرًا من مصادر التعلُّم، وأصبح المهم ليس الحصول على المعلومات؛ بل التفاعل معها.ولعل ذلك يتماشى مع ثورة المعلومات ومع التطور في التعليم الجامعي والمتمثل في فرديته ( أن يتعلم الطالب وفق قدراته واستعداداته)..
– وضع خطة لدمج التقنية في التعليم على مستوى الكليات الجامعية بمؤسسات التعليم العالي السودانية . وهنا يجب التركيز على ثلاثة محاور :
-Organizational Development
-Instructional Development
– Faculty Development
وفي هذا السياق يرى الكاتب أنه من المهم إستيفاء ما يلي:
أ/ توفير قواعد معلوماتية حديثة لكل عضو هيئة تدريس وطالب من خلال التفاعل التعلُّمي مع شبكة المعلومات المحلية والعالمية، بما يسهم في تطوير أساليب المتعلم في الحصول على المعلومات وبذلك يمكن أن تكون لكل طالب فكرة عما يحتاجه من معلومات وكيفية الحصول عليها، الأمر الذي يجعل عضو هيئة التدريس يثق في قدرات طلابه ويهتم بإثارة تفكيرهم.
ب/ تأسيس مركز مصادر تعلُّم Learning Resources Centerفي كل جامعة؛ يُعنى ليس فقط بالخدمات التقليدية مثل إنتاج الوسائط التعليمية وإعارة الأجهزة وتداولها؛ وإنما تقديم الخدمات الاستشارية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة في مجال تصميم التعليم وتطوير أساليب تعليمية تعلُّمية ودعم الابتكارات التعليمية. وما يرتبط بذلك من دور لاختصاصي مركز مصادر التعلُّم .
ج/ تغيير الصيغة التقليدية للإدارة إلى إدارة مصادر معرفية وتعليمية، بتحديد مدخلات العملية التعليمية التعلُّمية وتوفير الإحتياجات والوقت الكافيين لإحتواء الوسائط الإلكترونية وتوظيف أمثل لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال عمليات منظمة لإستخدام كامل لمصادر التعلُّم وإدارة هذه العمليات والأفراد الذين يؤدونها.
التعلُّم عن بعد بمفهومه المنظومي التفاعلي مدخل لتقديم حلول ناجعة للتدريس بمؤسسات التعليم العالي السوداني في أعقاب حرب أبريل 2023
يُعد التعلُّم عن بعد من أكثر المصطلحات المستحدثة المرتبطة بالتعليم الإلكتروني، وقد برز وبصورة أكثر وضوحاً إبان جائحة كوفيد- 19 وما بعدها لتأتي الحاجة له في أعقاب حرب أبريل 2023م في ظل تراكم الدفع بمؤسسات التعليم العالي وذلك حسبما تسمح به ظروف الطالب الجامعي ووفقًا لقدراته ومكان تواجده، ولعل وفي ذلك دعوة صريحة للتقليل من النمط التقليدي وجهًا لوجه الذي تقدم به المعلومات. وهكذا يمكن النظر إلى التعلُّم عن بعد تبعًا لمفهومه المنظومي بأنه موقف تعليمي تعلُّمي تلعب فيه تقنيات ووسائط الإتصال الإلكترونية دورًا مهمًا في التغلب على مشكلة البعد الجغرافي، بحيث يتيح فرص التفاعل المشترك بين المعلم والمتعلم، وبالتالي لا ينبغي النظر إليه كما هو شائع مجرد عملية تعليمية تستخدم فيها التقنية والأجهزة الإلكترونية لتقديم التعليم إلى المتعلمين المتباعدين جغرافيًا بغض النظر عن التفاعل بينهما.
هذا ووفقًا للتقرير الأخير لمنصة  Edxلعام 2020؛ وهي منصة أنشأتها جامعة هارفرد ومعهد ماساتشوستش في العام 2012م لجعل أفضل تعليم في العالم متاحًا للجميع؛أشار هذا التقرير إلى أن هناك 5743 آلاف معلم على التعلُّم الإلكتروني، و24 مليون طالب مستخدم، وأكثر من 145 شريكًا، في 196 دولة من دول العالم. وهو ما يعكس تأثير التعلُّم الإلكتروني الكبير وزيادة رواده في السنوات القليلة الماضية https://www.edx.org/assets/2020-impact-report-en.pdf)).
وجرّاء ذلك أصبح التعليم وجهًا لوجه منذ جائحة كوفيد 19 يمثل تهديدًا يجب حماية المجتمعات منه، وبالطبع لم يكن قطاع التعليم العالي بمعزل عن ذلك، من هنا فلا غرو أن تبرز منظومة التعلُّم عن بعد بمفهومها المنظومي التفاعلي كإحدى الخيارات لتقديم حلول ناجعة للتدريس بمؤسسات التعليم العالي السوداني في أعقاب حرب أبريل 2023 وتجديد للتعليم التقليدي وليس بديلًا عنه.
وعلى الرغم من الدور المهم الذي تلعبه تكنولوجيا الإتصال في عملية التواصل والتفاعل التي تحدث في التعلُّم عن بعد؛ بيدَ أنه ينبغي على أعضاء هيئة التدريس أن يظلوا مواظبين على تركيزهم على نتاج العملية التعليمية التعلُّمية وليس على تكنولوجيا الإتصال وتقنيات في ذاتها فالعوامل الأكثر تأثيرًا في تفعيل دور التعلُّم عن بعد والتعليم الإلكتروني هو التركيز على إحتياجات المتعلمين ومتطلبات محتوى المنهج الذي يجب أن يتفاعل معه المتعلم. فالتصميمات التعليمية للمقررات الدراسية في التعلُّم عن بعد تعتمد على إستقلالية المتعلم وحريته، والتفاعل بين المتعلم والأستاذ المشرف وكيفية تصميم المقرر بحيث يستجيب لحاجات المتعلم، تبعًا لذلك فإن إستخدام الوسائط التعليمية الإلكترونية في التعلُّم عن بعد من المأمول أن يجعل التعليم تفاعليًا بحيث يكون المتعلم أكثر تفاعلية ومحورًا للعملية التعليمية التعلُّمية.
في ضوء ما سبق أضحى من الأهمية بمكان النظر إلى التعلُّم عن بعد ومدى إسهامه في تقديم حلول ناجعة للتدريس بمؤسسات التعليم العالي السوداني في أعقاب حرب أبريل 2023 كمنظومة تفاعلية وليس مجرد برامج مراسلة تُوظف فيها الوسائط التعليمية لإرسال المعلومات من المصدر للمتعلم وفي مواجهة مشكلة المسافات البعيدة التي تفصل بين المعلم والمتعلم دون إحداث التفاعل المطلوب.
وحول فاعلية التعلُّم الإلكتروني فقد علّق ناثان Nathan,2020) ( قائلًا ” إنه يتوجب على أعضاء هيئة التدريس في الجامعات التكيف مع التعليم الإلكتروني عن بعد والتعليم عبر الإنترنت” وقد مثل هذا في رأيه نهج إستجابة تفاعلية أكثر من كونه إستباقيًا. وأردف قائلًا ” أن التعليم الإلكتروني سيما بعد جائحة كوفيد 19 موجود لكي يبقى، ويمكن أن يقدم مساهمة أقوى بكثير في مجال التعليم العالي في السنوات القادمة”.
وهكذا يمكن أن يشكل التعليم الإلكتروني والتعلُّم عن بعد بمعناه المنظومي التفاعلي إستجابة مرنة وسريعة قليلة التكاليف من شأنها أن تقدم ما يمكن من حلول ناجعة للتدريس بمؤسسات التعليم العالي في سودان ما بعد حرب أبريل 2023 ويمكن إيجاز ذلك فيما يلي:
أ/ تجاوز الحدود الزمانية والمكانية: تجئ الدعوة لتوظيف منظومة التعلُّم عن بعد بمفهومها التفاعلي المعاصر لتجتاح حواجز المكان والزمان عن طريق شبكات الإنترنت وما تبعها من تطبيقات إلكترونية تفاعلية منها على سبيل المثال تطبيق بلاك بورد Black Board والذي يعتمد على تصميم المقررات الجامعية والواجبات والإختبارات وتصحيحها إلكترونيًا فضلًا عن إتاحية للتواصل مع الطلاب من خلال بيئة تفاعلية وتطبيقات يتم تحميلها على الهواتف النقالة، وهناك تطبيق قوقل كلاس روم Google Classroom والذي يسهل بدوره من التواصل بين المعلمين والطلاب وتطبيق زووم Zoom واسع الإنتشار وغيرها من التطبيقات التفاعلية. ويبقى من الأجدر تحديد نسبة معينة من المقررات الجامعية بمؤسسات التعليم العالي في السودان بحيث تُدرس عبر التعليم الإلكتروني أو من خلال منظومة التعلُّم عن بعد باستخدام وسائط الاتصال المختلفة على أن يحكم ذلك معايير الاعتماد السودانية للبرامج الأكاديمية في الجامعات؛ حيث لم يعد من المناسب أن يمتد الفصل الدراسي بين 15 -–16 أسبوعًا كما هو متبع حاليًا.
إن هذا المنحى لا شك أنه سيجعل التعلُّم عن بعد بمفهومه التفاعلي المعاصر يسهم بفاعلية في التدريس الجامعي عن بعد في سودان ما بعد حرب أبريل 2023م وذلك على النحو التالي:
تأسيس نظام لتقل المعرفة له القدرة على الإنتشار وتقديم المعلومات وفقًا لاحتياجات الطالب.
الإننفتاح على المعرفة والثقافة العالمية باستخدام تقنيات المعلومات والإتصالات.
إتاحية للطلاب لاستسقاء المعلومات من مصادر متعددة.
تطوير المشاركة الإيجابية للطالب الجامعي، وجعله في تفاعل مستمر مع المعلم والمشرف.
تحديد الشروط اللازمة لضمان تعلُّم كل طالب، وجعل أهداف العملية التعليمية التعلُّمية تصاغ بطريقة سلوكية.
تغيير دور الأستاذ الجامعي من كونه مصدرًا وحيدًا للمعلومات إلى عنصر فعال في تسهيل عملية التعلُّم ومرشدًا لطلابه.
إتاحية للطلاب للتواصل فيما بينهم على شبكة الإنترنت بإشراف وتخطيط عضو هيئة التدريس.
ب/ تخفيض الكلفة: يستخدم التعلُّم عن بعد بمفهومه المنظومي وسائط تفاعلية لتقديم المحاضرات الجامعية بمؤسسات التعليم الجامعي خِدمةً لأعداد كبيرة من الطلاب، كما أن الزيادة في أعداد الطلاب لا يتطلب بالمقابل زيادة أعضاء هيئة التدريس مما يؤدي إلى تخفيض الكلفة التعليمية. من هنا تعتبر المحاضرات والبرامج والدروس التي يتم تقديمها عبر منظومة التعلُّم عن بعد التفاعلية ذات كلفة مناسبة بالنسبة للطلاب والمعلمين والمؤسسة التعليمية؛ فعن طريق ما تقدمه من خدمات يمكن تخفيض كلفة السفر وكلفة المراجع والكتب، كما أن الكلفة التشغيلية للمؤسسة التعليمية سوف تنخفض نظرًا لإنخفاض كلفة الصيانة والتسهيلات المادية، حيث أن طلاب منظومة التعلُّم عن بعد إذا ما أُحسن توظيفها لا يحتاجون إلى خدمات قاعات دراسية ما داموا مايمتلكون أجهزة حواسيب موصلة بشبكة الإنترنت.
ج/ تلبية إحتياحات جميع الطلاب: ينبغي أن لا يقتصر التعلُّم عن بعد بمفهومه المنظومي والذي توفره الجامعات السودانية على التخصصات النظرية كما يعتقد البعض وكما هو الحال في مؤسسات التعلُّم عن بعد التقليدية، غير أنه بالمقابل يهتم بالتخصصات الأخرى طبيعية كانت أو تطبيقية في ظِل التفاعلية التي تصاحبه وما يوفره من قدرة على المحاكاة وتمثيل الواقع وتكامل الصورة والصوت والحركة.
عمومًا يرى الكاتب بأن مدى جودة توظيف التعلُّم عن بعد بمفهومه المنظومي التفاعلي وما يرتبط بع من تعليم إلكتروني في التدريس بمؤسسات التعليم العالي السوداني في أعقاب حرب أبريل 2023 يتوقف على توافر عوامل عديدة في جوانبه المتعددة والتي يمكن إيجازها فيما يلي:
مدى مساعدة المحتوى التعليمي المقدم للطالب في تحقيق التفاعل المطلوب بينه وبين أستاذ المقرر بما يعوض الإتصال المياشر المفقود بينهما.
إستثمار الإمكانات الخاصة لكل مادة علمية ومراعاة حدودها، وبالتالي مراعاة التكامل بين المقررات مجتمعة.
توفير الدعم الكافي للطالب؛ بأن يكون إيجابيًا نشطًا طوال فترة التعلُّم من خلال محتوى المادة العلمية وما يتضمنه من أسئلة التقويم الذاتي وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي ينبغي أن ينجزها الطالب.
خاتمة
في ضوء ما تم استعراضه من رؤى وأفكار؛ يمكن الخروج بالاستنتاجات التالية:
من منطلق دور مؤسسات التعليم العالي السودانية في القيام بوظائفها وإحداث التحول النافع في المجتمع ودراسة مشكلاته، والبحث عن أفضل السبُل لحلها في أعقاب حرب أبريل 2023م؛ فإن هذه المؤسسات بوضعها الحالي لن تكون قادرة على القيام بهذه المهمة ما لم تحدث تحولات داخلية وتنظيمية داخل هذه المؤسسات ولعل من أهمها: إعادة النظر في وضعية الجامعات الحالية في ضوء ما ورد في سياق هذا المقال، ربط الممارسة التربوية الجامعية بالتعلُّم وجعل الإجراءات والوسائل والمواد التعليمية ترتبط إرتباطًا وثيقًا بعملية التعليم وتقود إلى التعلُّم؛ وهذا لن يتأتى إلا بتوظيف أمثل لمعطيات تكنولوجيا التعليم والمعلومات والإتصال والتي يمكن أن تسهم مجتمعة في تقديم الحلول للمشكلات التعليمية نظرًا لإرتباطها بجميع عناصر العملية التعليمية.
فالسبُل التقليدية المتبعة في معظم مؤسسات التعليم العالي لا يمكن أن تحقق إصلاحًا فاعلًا في الممارسة التعليمية التعلُّمية ما لم تخضع إلى التخطيط والتصميم وتستند إلى أسس ومبادئ تكنولوجيا التعليم والمعلومات؛ وهنا تبرز الأهمية القصوى لتفريد التعليم Individualization في الوقت الحاضر والذي يهدف بدوره إلى توفير الخبرات ومصادر التعلُّم التي يحتاجها كل طالب جامعي بما يمكنه من استثمار طاقته في التعلُّم بحسب قدراته واستعداداته بحيث يعتمد التخطيط لهذا النوع من التعليم على إتباع الأسلوب المنظومي في التدريس وإدارة العملية التعليمية التي تجعل من الطالب محور الإهتمام في العملية التعليمية التعلُّمية، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في معالجة مشكلة تراكم الدفعات في كثير من مؤسسات التعليم العالي.
وتقديرنا أن الحقبة التالية– ما بعد حرب أبريل 2023م– قد تحمل بين طياتها إنتشارًا لمعطيات تكنولوجيا المعلومات والإتصال وتوظيف أمثل للوسائط الإلكتورنية في ظل الإتجاهات الإيجابية لأعضاء هيئة التدريس نحوها وقناعتهم بالحاجة إليها وأهميتها في تفعيل دورهم في عملية التدريس وتطوير التعليم العالي وبلوغ أهدافه.
إن توظيف منظومة التعلُّم عن بعد التفاعلية في التعليم العالي سيما ما بعد حرب أبريل 2023م؛ يتوقف لحد كبير على معرفة حاجات كل فئة من الطلاب وعلى تصميم المواد التعليمية المناسبة لاستعدادات هذه الفئة والقادرة على إحداث أعلى درجة ممكنة من التعلُّم، فكلما كانت المؤسسة أكثر فهمًا وإدراكًا لأبعاده زادت الحاجة إلى هذا النمط من التعليم مع المرونة اللازمة في إدخال بعض التعديلات والإضافات التي تعزز من دوره في مواجهة الوضع الحالي لمؤسسات التعليم العالي وما تعانيه من نقص في البني التحتية وما يرتبط بها من قاعات تدريسية مهيئة.
ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال زاد خلال العقد الأخير الإهتمام بالتعليم والتعلُّم الجامعي عن بعد وما يبرتبط به من تعليم إلكتروني لمقابلة الطلب المتزايد على التعليم الجامعي؛ الأمر الذي شجع بعض الكليات والجامعات أن تقدم برامج متخصصة في التعلُّم عن بعد تستخدم فيها تقنية الإنترنت لهذا الغرض، حيث لم يقتصر الأمر على ذلك بل شرعت بعض الجامعات الأخرى في العمل بغية ترسيخ توظيف التعلُّم عن بعد لتسويق برامجها الأكاديمية والتدريبية محليًا وعالميًا.
بقي القول بأن الإصلاح في التعليم الجامعي يتعدى مرحلة وضع الحلول النظرية إلى مرحلة التطبيق العملي المنظومي والممنهج بخطط تنفيذية قابلة للقياس في مراحله المختلفة ضمن إطار زمني محدد وهذا ما نأمل أن تضعه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي السودانية نصب أعينها في المرحلة القادمة في سودان ما بعد حرب أبريل 2023م. والله الموفق….
البروفيسور / عصام إدريس كمتور الحسن
أستاذ تكنولوجيا التعليم- كلية التربية، جامعة الخرطوم
E-mail: esamkalhassan@uofk.edu
نوفمبر 2024م

abubakr

محطات ذهبية موقع اخباري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى