كتب ؛ غاندي معتصم : أميركا نمر من ورق .. فشل ترتيبات جنيف

الولايات المتحدة لن تغير نهجها فى التعاطى مع القضايا السودانية -الأسباب التاريخية حاضرة- وهى لذلك لن ترفع الحصار الاقتصادى (الأحادى) والمعمم على الجميع بقوة النفوذ الأمريكى (سابقا)، لأن السودان حتما مع تحولات الطاقة وتصاعد أزمات الغذاء، والانهيار المرتقب للدولار، سيتجاوز تبعات هذا الحصار.
ورغما عن كل ذلك ترغب أميركا فى تواجد السودان الديكورى فى حلفها الذى أورد السودان موارد الهلاك، بعد أن دخل البشير هذا الحلف فى العام 2014 بقرارات منفردة ومرتبكة، هدفها تمديد الجلوس على كرسى السلطة.
ستكون مغامرة غير محسوبة الجوانب دخول السودان فى تحالف مع أميركا فى ظل هذه الحرب، وظل التحولات الراهنة، فالمعلوم أن تسليح الجيش السودانى يعتمد على المعسكر الشرقى (روسيا/ الصين) ولذلك فان التحول إلى الحلف الغربى، يحتاج الى ترتيبات للتأقلم مع التسليح والتدريب لا تقل عن عشرة سنوات على أقل تقدير.
ولكل ذلك يبقى خيار السودان الأفضل تمتين العلاقة مع المعسكر الشرقى، بقياس التحولات الاقتصادية، وما يتبعها من تحولات سياسية.
الولايات المتحدة فى هذه اللحظة تعانى من فراغ تنفيذى متستر عليه، وهى مهزومة فى أوكرانيا، وتعانى بالاضافة إلى حلفائها الغربيين من أوضاع اقتصادية وتضخم غير مسبوق فى الأسعار، وقد أضحت بهذا الوضع مثل الأسد الجريح، ولم يتبق لها غير هذا الزئير، ليحاكى نفخة الأسد، فيصرخ مبعوثها، كأنه المتحكم فى إعطاء الشرعية للحكومات الاقليمية، ليظل السؤال حاضرا بواقع اليوم السياسى والاقتصادى :
So What?
ربما أن أخطاء الاعلام المحلى، فى تضخيم تصريحات موظفى الدرجة الرابعة من أمثال هذا المبعوث تعزز من فرضيات هزيمتنا الداخلية، وتأكيد سطوتهم الخارجية، فقد سرت حالة من الفرح الطاغى بعد مخاطبة الولايات المتحدة للرئيس البرهان، بصفة رئيس مجلس السيادة، وعليه يجب أن نتجنب تضخيم التصريحات الخارجية لدرجة التأثير على هياكلنا الوطنية، كما يجب علينا الخروج من مربع الهزيمة النفسية، فأميركا اليوم ليست هى أميركا التى نعرفها بالأمس.
و لعل أكبر الأخطاء التى وقع فيها مجلس السيادة ترك البلاد بدون دستور وأجهزة تشريعية وتنفيذية (مجلس وزراء) بصلاحيات مطلوبة لما يقارب الثلاث سنوات، ولعل الجميع يعلم أن هذه الحرب تستند فى خلفياتها على تحولات وأبعاد اقتصادية، وعليه يبقى من غير المفهوم ماهية أسباب تعمد تغييب الجهاز التنفيذى، بدوره المعلوم فى صياغة الشراكات الاقتصادية الاستراتيجية، وما يمكن أن ينتج عنها من تدابير سياسية لتوقيف ماكينة الحرب وكبح جماح أدواتها الخارجية .. فهل من معتبر؟!