د.السر علي سعد : العولمة والرقمنة… طريق نحو التقدم العادل
معالجة الفجوة الرقمية باتت قضية ملحة لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل عادل وشامل في عالم يتجه بسرعة نحو العولمة والرقمنة. لسد هذه الفجوة، يجب تطبيق مجموعة شاملة من السياسات لتضييق الفجوة الرقمية وتعزيز الإدماج الرقمي في المجتمعات كافة.
أولى خطوات العلاج تكمن في مواجهة الأمية الرقمية وجها لوجه من خلال برامج تعليمية متكاملة تضمن وصول الجميع للمهارات الرقمية الأساسية. ستمكن هذه البرامج مختلف شرائح المجتمع من التفاعل الفعال مع التكنولوجيا والمشاركة في الاقتصاد الرقمي. إلى جانب ذلك، يتعين تعزيز التعاون الدولي لبناء أطر تعاونية أقوى لتبادل المعرفة ونقل التكنولوجيا وتقديم المساعدات المالية للدول النامية بهدف سد الفجوة الرقمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
ثانيا، يجب استثمار البنى التحتية المستدامة، خاصة في قطاعات الطاقة والمواصلات والقطاعات الاجتماعية، لتعزيز التنمية المستدامة ومعالجة الفجوات الاستثمارية القائمة. وفي الوقت نفسه، ينبغي دعم دور منظمات المجتمع المدني الحيوي في تعزيز الشمولية وإيصال أصوات الفئات المهمشة وتقديم المشورة للحكومات لتحقيق تنفيذ أفضل لأهداف التنمية المستدامة.
ثالثا، يجب محاسبة الشركات على ممارساتها وضمان توافقها مع أهداف التنمية المستدامة وتعزيز مساهماتها الإيجابية. يمكن استخدام إطار أهداف التنمية المستدامة لتقييم السياسات الحكومية والتأكد من مساهمتها في النمو الاقتصادي الشامل وحماية البيئة والعدالة الاجتماعية.
للتسريع بالإدماج الرقمي، يمكن تنفيذ برامج تركز على تزويد المجتمعات المهمشة بالأجهزة الرقمية والإنترنت والتدريب اللازم لردم الفجوة الرقمية. يجب ضمان وصول هذه الفئات إلى التقنيات الرقمية وخدمات الإنترنت بتكلفة مناسبة لتمكينها من المشاركة في الاقتصاد الرقمي. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي توفير برامج تدريبية لتعزيز محو الأمية الرقمية والمهارات الرقمية لدى الفئات المهمشة، مما يمكنها من التقدم الاجتماعي والاقتصادي.
للتصدي للتحديات بشكل شامل، يجب تشجيع مشاركة المجتمع في مبادرات الرقمنة بما يراعي احتياجات وتحديات الفئات المهمشة. كما يتعين تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتطوير حلول رقمية تلبي احتياجات المجتمعات المهمشة، وتعزيز التنمية الرقمية الشاملة. علاوة على ذلك، ينبغي وضع سياسات داعمة تركز على الشمول الرقمي وضمان الوصول العادل إلى التكنولوجيا. مع ضرورة معالجة مخاوف الخصوصية والأمن الرقمي لبناء الثقة بين المجتمعات المهمشة والتكنولوجيا الرقمية.
تلعب الحكومات والشركات والمجتمع المدني دورا محوريا في تحقيق التنمية المستدامة ومعالجة التحديات العالمية وخلق مستقبل أكثر عدالة. على الحكومات وضع السياسات وتخصيص الموارد لتعزيز التنمية المستدامة وتنسيق الجهود عبر القطاعات. أما الشركات، فيتعين عليها دمج ممارسات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG) وابتكار حلول مستدامة وتعزيز السلوك التجاري المسؤول. ويجب على المجتمع المدني زيادة الوعي وحشد الدعم والمناصرة من أجل الاستدامة والعدالة الاجتماعية.
إن العولمة والرقمنة يمكن أن يكون لهما آثار إيجابية وسلبية على أهداف التنمية المستدامة. على سبيل المثال، يمكن أن تسهم الرقمنة في تعزيز هدف الطاقة النظيفة وبأسعار معقولة من خلال تطوير ونشر تقنيات الطاقة المتجددة بسرعة. كما يمكن أن تساهم في تحقيق هدف الصناعة والابتكار والبنية التحتية من خلال تسهيل تبادل التكنولوجيا المبتكرة والمستدامة واعتماد البنية التحتية المقاومة والابتكارات.
ومع ذلك، يمكن أن تؤدي الفجوة الرقمية وعدم الوصول المتساوي إلى التكنولوجيا الرقمية إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية والاقتصاد