بالمعقول : الباقر عكاشة عثمان : مشروع القرار البريطاني ووضع السم في الدسم

مشروع القرار البريطاني الأخير جاء محمّلاً بتناقضات واضحة، رغم الإشارة إلى انتهاكات المليشيات بعبارات صريحة، إلا أن بند المطالبة بحماية المدنيين من قبل “الطرفين يحمل إيحاءًا مغلوطاً وكأن القوات المسلحة المسؤولة عن حفظ أمن الوطن وسيادته شريكة في جرائم القتل والتشريد والاغتصاب التي ارتكبتها المليشيات. هذا التوازن المصطنع بين الضحية والجاني يعكس غياباً للإنصاف ويضعف موقف القرار من الناحية الأخلاقية والقانونية.
المشروع لم يتناول معاقبة المجرمين المدانين كما جاء في نص القرار بل اكتفى بالدعوة إلى الحوار بين الطرفين وفرض سياسة الامر الواقع باظهار المليشيا على المشهد السياسي دون اشارة للحق الخاص وما اقترفه العدو من جرائم في حق المواطن .
كان من المؤمل أن يجعل مشروع القرار مقبولاً لدى الحكومة وبالتالي صاحبة حق النقض (الفيتو).اذا ركز مشروع القرار على تنفيذ اتفاقية جدة دون حشو وتلاعب بالبنود ومعاقبة الذين ثبت تورطهم من انتهاكات في حق المواطن
من الملفت للنظر أن القرار تجاهل تماماً معطيات النزوح والهجرة العكسية الى المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة حيث تتوفر المساعدات الإنسانية وتنعدم الانتهاكات هذه الحقيقة تظهر بوضوح الفرق بين نهج القوات المسلحة والمليشيات في التعامل مع المدنيين وهو ما كان يجب أن يعكسه القرار لضمان المصداقية والتوازن.